محمد قناوي يكتب: ترميم الأفلام بين مهرجان القاهرة والبحر الأحمر يحافظ على التراث السينمائي

محمد قناوي
محمد قناوي

لا شك أن عدم ترميم أفلام السينما المصرية التي مر على انتاجها على الأقل خمسين عاما يعرض تاريخ السينما المصرية لخطر الضياع.

وقبل سنوات قليلة بدأت بعض القنوات الفضائية العربية خطة لترميم الأفلام التي تمتلك حق عرضها ، ولكن هناك افلام ما زالت في حوزة اصحابها أو ورثتهم أو ملك الدولة المصرية لذلك كان لابد من وجود جهات تتولي عمليه الترميم لهذه الافلام وتحويلها إلى نسخ رقمية عالية الجودة خاصة اذا علمنا أن عملية ترميم الأفلام مكلف وفيه من الصعوبة ما لا يقل عن تصوير فيلم جديد ولكن الأمر يستحق، لأن حفظ أرشيف وتاريخ السينما لا يقل أهمية عن حفظ وترميم الآثار واللوحات الفنية الشهيرة، بل ربما يزيد أهمية عليها بالنسبة للكثير من محبي السينما وخلال الايام القليلة الماضية كشف مهرجان القاهرة السينمائي عن أن الدورة الجديدة  ستشهد ترميم فيلمين الأول هو فيلم "يوميات نائب في الأرياف" للمخرج توفيق صالح، والذي تم إنتاجه عام 1969، والثاني هو "أغنية على الممر" للمخرج علي عبد الخالق، والذي تم عرضه عام 1972 ، وها هو  مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، يعلن عن ترميم فيلمين أخرين من تراث السينما المصرية  بالتعاون مع راديو وتلفزيون العرب ART، ونشاط السينما بالشركة القابضة للاستثمار في المجالات الثقافية والسينمائية التابعة لوزارة الثقافة؛ برئاسة الدكتور خالد عبد الجليل، مستشار وزير الثقافة لشؤون السينما، التي ستقوم بدورها بتوفير كافة التسهيلات اللازمة لعملية الترميم ، ويعد الفليمن من كنوز السينما العربية "خلي بالك من زوزو"و"غرام في الكرنك"، بمناسبة مرورأكثر خمسين عاما على انتاجها، استكمالاً لمهمة الحفاظ على تاريخ وإرث السينما العربية من النسيان، حيث تجري عملية الترميم في مدينة الإنتاج الإعلامي في  بمركز ترميم التراث السينمائي التابع لها ، حيث يجري المهرجان ترميم فيلم "خلي بالك من زوزو" الذي حقق عام 1972 أرقاما قياسية في تاريخ السينما العربية، الذي طرح فيه المؤلف صلاح جاهين قصة الطالبة زينب أو كما يلقبها الجميع بـ"زوزو"؛ الفتاة التي تعيش حالة صراع نفسي بين ماتحبه وبين مايفرضه عليها مجتمعها المحافظ، فهي ابنة الراقصة نعيمة المقيمة في شارع محمد علي، التي لا تستطيع أن تعبر عن حبّها للغناء والرقص الذي يعتبر أمرا مشينًا في مجتمعها، تقودها الأقدار لتتعرف على شاب من الطبقة الغنية لتعيش معه قصة حب، فكيف ستكون ردة فعله حال معرفته بحقيقتها؟ وشارك في الفيلم أشهرعمالقة الفن سعاد حسني وحسين فهمي وتحية كاريوكا وسمير غانم، كما استمرعرض الفيلم سنة كاملة في دور السينما المصرية، ويعد من ضمن أفضل مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية. 
كما يحتفي المهرجان بإعادة ترميم الفيلم الاستعراضي الكوميدي "غرام في الكرنك" الذي تم إنتاجه قبل أكثر من خمسين سنة، تحديدًا في عام 1967م وهو من سيناريو وحوارمحمد عثمان وقصة الملحن علي رضا، وبطولة كل من فريدة فهمي ومحمود رضا و عبدالمنعم إبراهيم، تدور أحداث الفيلم حول مجموعة من الراقصين الشباب الذين يكافحون للنجاح في خضم معاناتهم ونقص مواردهم المادية لتقديم أول أعمالهم على مسرح معبد الكرنك بالأقصر، وذلك بالتوازي مع قصة أمينة الراقصة الرئيسية بالفرقة الاستعراضية والتي تسوقها الأقدار لتجمعها قصة حب معقدة مع صلاح مدير الفرقة مما يزيد الأوضاع سوءًا.
حماس  ترميم الفيلمين نابع من الرئيس التنفيذي لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، محمد التركي الذي هو في الاساس منتج أفلام ويعرف قيمه الحفاظ علي التراث ا السينمائي  حيث يري إعادة ترميم  هذه الافلام يأتي من منطلق الحرص على حفظ تاريخ السينما العربية، على الرغم من أن عملية ترميم الأفلام تعد عملية مكلفة ومعقدة ولا تقل جهدا عن إنتاج فيلم جديد إلا أن العمل على ترميم أفلام شكلت جزءا من الموروث السينمائي العربي يستحق منا هذا الجهد، فضلاً عن كونها فرصة جديدة لإعادة إحيائها وتقديمها للجمهور،
 وتعد عملية ترميم الأفلام أمراً بالغ التعقيد، حيث يخضع الفيلم للعديد من المراحل، ففي البداية تتم معالجة الفيلم وتحويله من مقاس 35 ملم إلى نسخة رقمية ومن ثم يخضع لعملية ترميم عبر الحاسوب تليها مرحلة تصحيح الألوان والصور وتصفية الذبذبات الصوتية.
وقال مدير البرنامج العربي والكلاسيكي في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، أنطوان خليفة: أن المساهمة في إحياء تحفتين رائعتين للسينما المصرية كان لكل منهما تأثير غير مسبوق على المشاهدين والمجتمع، ولا يزال العالم العربي شغوفًا بأفلام سعاد حسني كما يتذكر الراقص الكبير محمود رضا الذي جعل الرقص الشعبي المصري يتألق في جميع أنحاء العالم وسيتم عرض الفيلمين في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بنسخته الثانية، والمقرر انطلاقه من 1 وحتى 10 ديسمبر من العام الجاري.